لتحميل السلسلة ادخل الرابط التالي
https://www.mediafire.com/download/elezpc5nn4f9o2v
تنوية !!
رابط خاص لتصفح السلسلة
https://noorhak.blogspot.com/search/label/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%88%D9%84%D9%89%20%28%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B4%D8%AF%D9%8A%D9%86%29
رابط خاص لتصفح السلسلة
https://noorhak.blogspot.com/search/label/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%88%D9%84%D9%89%20%28%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B4%D8%AF%D9%8A%D9%86%29
سلسلة الخلافة الراشدة الاولى (الخلفاة الراشدين)#
_______________________
1 أبو بكر
2 عمر
3 عثمان
(عثمان و ارهاصات الفتنة الأولى)
(عثمان ذي النورين الشـهيد)
4 علي
___________________
( 13/ 33 ) الخلافة الراشدة الأولى - ذي النورين الشـهيد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عادت الوفود الثلاثة للمتمردين إلى المدينة في توقيت واحد
فقال علي بن أبي طالب للمتمردين العائدين :
هذا والله أمر دُبّر بالمدينة !
فقال المتمردون العراقيون (الكوفيون والبصريون): ضعوا الأمر حيث شئتم ، ليعتزلنا هذا الرجل ولنتعزله.
يقصدون عثمان رضي الله عنه
في هذا الوقت يريد الصحابة التيقن من حقيقة هذا الخطاب المختوم بخاتم عثمان رضي الله عنه
فذهبوا بالمتمردين إلى عثمان رضي الله عنه، وأروه الخطاب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ففوجئ رضي الله عنه بالخطاب المزور و قال : ائتوني ببينة على ذلك، والله ما كتبت، ولا أمليت، ولا دريت بشيءٍ من ذلك، والختم قد يُزوّر على الخاتم.
فقال بعضهم: إذن كتبه مروان. ويقصدون مروان بن الحكم كاتب أمير المؤمنين في دار الخلافة
وأرادوا تسليم مروان إليهم ، فخشي عثمان رضي الله عنه إن سلّمهم مروان أن يقتلوه، فرفض تسليمه إليهم وهم في ثورة الغضب ، فصدقه بعض الناس وكذبه آخرون.
واستمرّ هذا الحوار أيامًا بين عثمان رضي الله عنه وبين المتمردين، وأعلن المتمردون أن من كفّ يده فهو آمن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في ذلك الوقت كان عدد المتمردين الذين عادوا إلى المدينة على أقل تقدير ألفان، وعدد الموجودين من الصحابة في المدينة لا يزيد عن سبعمائة
وليس في المدينة جيش للدفاع عنها ؛ لأن معظم الجيوش الإسلامية في أطراف الدولة ، في فارس، والروم، وإفريقية، ولا توجد قوات أمن مخصصة في المدينة ؛ لأن الناس يأمنون على أنفسهم كما يقول الحسن البصري: ولا يلقى مؤمن مؤمنًا إلا وهو أخوه.
وأيضًا هؤلاء المتمردين قدموا في موسم الحج ، والكثير من المسلمين في المدينة قد خرجوا لأداء الحج ومن بينهم كانت السيدة عائشة رضي الله عنها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى هذا الوقت ، وعثمان رضي الله عنه خليفة المسلمين ، والجميع يصلّى خلفه من المهاجرين والأنصار، والمتمردين أيضًا
حتى كان يوم جمعة ، فقام عثمان رضي الله عنه، وخطب الناس، وبعد الصلاة صعد على المنبر مرة أخرى، وقال:
يا هؤلاء الغرباء: والله إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فامحوا الخطأ بالصواب، فإن الله لا يمحو السيئ إلا بالحسن.
فوقف محمد بن مسلمة رضي الله عنه، وهو من قدامى الصحابة ، وقال: أنا أشهد بذلك.
وكان بجواره حكيم بن جبلة أحد رؤوس الفتنة ، فأجلسه بالقوة، وسبّه ، فقام زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه وقال: إن ذلك في الكتاب ، فقام له رجل من أهل الفتنة وجذبه، وسبّه
ثم اتجه رجل من أهل الفتنة نحو المنبر و أخذ العصا التي كان يتّكأ عليها عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يخطب وهي بالأصل كانت عصا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يتّكأ عليها وهو يخطب في الناس، وأخذها بعده أبو بكر ، ثم عمر، ثم عثمان رضي الله عنهم ، فأخذ هذا المتمرد العصا وكسرها على ركبته وقال لعثمان : يا نعثل انزل من على هذا المنبر.
و (نعثل) كلمة شتيمة تقال للشيخ الأحمق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه أول مرة يُسبّ فيها أمير المؤمنين علنًا أمام الناس ، عثمان رضي الله عنه الذي تستحي منه الملائكة ، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يستحي من حياءه
وبعد أن قيلت هذه الكلمة ، قام المتمردون جميعًا، وأخذوا يضربون عثمان و الصحابة بالحجارة ، وهو لايزال على المنبر، وقد سالت الدماء على قميصه ، و أنقذه بعض الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا، وحملوه و أدخلوه بيته ، ولم يخرج بعدها منه
وحاصر أهل الفتنة بيته ، واستُخلف أبو هريرة رضي الله عنه على الصلاة بالمسلمين
و عندما وجد عثمان رضي الله عنه أن الأمر قد وصل إلى هذا الحدّ، وأن اللين لن يجدي مع هؤلاء المتمردين ؛ كتب رسائل إلى ولاته في الأمصار أن يرسلوا إليه بالجيوش لحل هذه الأزمة، فكتب إلى معاوية بن أبي سفيان بالشام، وكتب إلى أبي موسى الأشعري بالكوفة، وإلى والي البصرة ، ونعرف أن المسافات شاسعة بين تلك البلاد ، وبين المدينة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم بدأ قادة الفتنة يصبون الزيت غلى النار و يوسوسون بفكرة قتل الخليفة ، فخير المتمردون عثمان بين العزل أو القتل لإنهاء التمرد وكان هذا موقفًا صعبًا على الصحابة جميعًا.
في بداية الفتنة جاء الصحابة إلى عثمان رضي الله عنه، وكان فيهم علي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم رضي الله عنهم جميعًا، ولكن عثمان رفض أن يدافعوا بأسلحتهم عنه وعن المدينة، وكان يريد أن تنتهي هذه الأزمة بطريقة سلمية.
لكن بعد اشتداد الأزمة أرسل الزبير بن العوام رضي الله عنه رسالة إلى عثمان رضي الله عنه يقول له فيها: إني استطيع أن أجمع لك بني عمرو بن عوف.
وهي قبيلة كبيرة على بعد أميال من المدينة ، فقال له عثمان بن عفان رضي الله عنه: نعم، إن كان ذلك فنعم.
فما يدور في ذهن عثمان رضي الله عنه هو الحفاظ على أهل المدينة الذين هم قليل مقارنة بعدد المتمردين ، وإن قامت حرب بين الفريقين ستراق دماء الصحابة ، فهو كان يوافق على صدّ المتمردين بالقوة إذا وجدت قوة تستطيع هزيمتهم، أما أن تراق دماء الصحابة والمسلمين بالمدينة على يد هؤلاء الفجرة من المتمردين، فهذا ما لا يرضاه عثمان رضي الله عنه على الإطلاق ، وإن أدى هذا الأمر لهدر دمه هو فداءاً لدماء الصحابة
وهذه شجاعة لا تتكرر؛ أن يضحّي قائد بدمه من أجل أمته، وشعبه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان الموقف شديد الحساسية ، فعثمان رضي الله عنه يعلم تمامًا أن القوة الصغيرة للمسلمين في المدينة لن تصمد أمام المتمردين ، وكان رضي الله عنه في انتظار المدد الذي يأتيه من الشام ، ومن البصرة، والكوفة ، لكن المسافة إلى تلك الأماكن بعيدة ، وكان رضي الله عنه في انتظار قوم الزبير بن العوام ، ولم يكونوا قد جُمعوا بعد.
لكن هناك أمر آخر كان يدور في خلده ، و هو أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان على يقين كامل أنه سيلقى الله شهيدًا، وأنه سيموت في فتنة، وفي بلوى تصيبه، وسوف يدخل الجنة على هذه البلوى، وقد سمع هذا بأُذنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
ففي إحدى المرات صعد النبي بصحبة ابو بكر و عمر و عثمان على جبل أحد فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَال النبي صلى الله عليه و سلم
: " اثْبُتْ أُحُدُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن فعثمان رضي الله عنه كان يرى أنه إذا كانت حياته ثمنًا لحل هذه الفتنة فهذا شيء مناسب جدًا في رأيه. خاصة وأنه على يقين أن حياته ستذهب في هذا الأمر، فلا بأس أن تذهب حياته، وتحفظ دماء سبعمائة من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل المدينة ، حتى يحفظوا الأمة بعد ذلك ، ولا يتولى هؤلاء المتمردون الشرار الحكم في البلاد بعد ذلك ، و المتمردون حتى تلك اللحظة كانوا لا يزالون يطلبون عليًا ، أو طلحة ، أو الزبير، وكلهم من الأخيار، وهم من العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم جميعًا
فلو عاش هؤلاء الصحابة يكون الحال أفضل بكثير من أن يقتلوا جميعاً ، وتحكم هذه الثلة الباغية الدولة الإسلامية.
وأمر آخر في غاية الأهمية أيضًا وهو أن عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين له الأمر على كل المسلمين ، وعليهم الطاعة، فعندما يقول لهم: عزمت على من لي عليه طاعة ألا يقاتل.
فلو قاتلوا بعد ذلك لكان هذا عصيانًا له رضي الله عنه وأرضاه
والصحابة يعرفون مكانته في الإسلام و فضله، وأنّ له رأيًا حكيمًا، وربما يفكر في شيء لا يعرفونه هم، وإن كان في ظاهر الأمر أن رأيه خطأ، فعليهم أن يطيعوه ما لم يكن معصية ؛ لأنه الخليفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان هذا الأمر في غاية الصعوبة على الصحابة رضي الله عنهم إذ كيف يتركون عثمان رضي الله عنه، وهو أفضل مخلوق على وجه الأرض يومئذٍ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، وقد زوّجه الرسول صلى الله عليه وسلم ابنتيه الواحدة تلو الأخرى، و في قلوب الصحابة شيء عظيم من الأسى والحزن، وهم مع ذلك لا يستطيعون الدفاع عنه حتى لا يقعوا في معصيته ، فرجعوا إلى بيوتهم، وتأولّوا الأمر وقالوا: إن كان قد أقسم علينا ألا نردّ عنه، فهو لم يقسم على أبنائنا.
فأرسل علي ابنيه الحسن والحسين رضي الله عنهم جميعاً ، وفي هذا دلالة قوية على دحض من يزعمون أن عليًا رضي الله عنه قد تخلّى عن عثمان رضي الله عنه في محنته ؛ لأنه لم يكن راضيًا عن سياسته
وأرسل الزبير بن العوام ابنه عبد الله بن الزبير
وأرسل طلحة بن عبيد الله ابنه محمد بن طلحة
وهكذا فعل كثير من الصحابة رضي الله عنهم جميعًا، واجتمع أبناء الصحابة في بيت عثمان رضي الله عنه، وأمّروا عليهم عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما لحراسة دار الخلافة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ودخل عبد الله بن عمر على أمير المؤمنين ، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يرى ما يرى عثمان من الرأي بعدم التصادم مع المتمردين، وإن أدى ذلك إلى قتله
فقال له عثمان: انظر إلى هؤلاء يقولون: اخلع نفسك أو نقتلك.
فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: أمخلّد أنت في الدنيا؟
فقال: لا
فقال: هل يزيدون على أن يقتلوك؟
فقال: لا
فقال: هل يملكون لك جنة أو نارًا؟
فقال: لا
فقال ابن عمر رضي الله عنهما : فلا تخلع قميصًا قمّصه الله لك، فتكون سنة، كلما كره قومٌ خليفتهم خلعوه ، أو قتلوه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبعد إعلان المتمردين تخيير الخليفة بين القتل أو الخلع خرج إليهم رضي الله عنه وأرضاه من شرفة بيته وقال لهم:
" والله لئن قتلتموني، لا تتحابوا بعدي، ولا تصلوا جميعًا أبدًا، ولا تقاتلوا جميعًا أبدًا عدوًا."
وقد صدق رضي الله عنه، فبعد أن قُتل مظلوماً انحل العقد، ودارت الفتنة منذ هذا العهد، حتى وقتنا هذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم قطع المتمردون عنه الماء
وفي السابع عشر من شهر ذي الحجة سنة 35 من الهجرة يصبح عثمان بن عفان رضي الله عنه صائمًا، ويحاول الصحابة رضي الله عنهم إيصال الماء إليه ، لكنهم لا يستطيعون ، ويأتي وقت المغرب دون أن يجد رضي الله عنه شيئًا يفطر عليه لا هو، ولا أهل بيته، ويكمل بقية الليل دون أن يفطر، وفي وقت السحر استطاعت زوجته السيدة نائلة أن تحصل على بعض الماء من البيت المجاور خفية ، ولما أعطته الماء ، وقالت له: أفطر، نظر رضي الله عنه من النافذة فوجد الفجر قد لاح ، فقال: إني نذرت أن أصبح صائمًا.
فقالت السيدة نائلة: ومن أين أكلتَ ولم أرَ أحدًا أتاك بطعام ولا شراب؟
فقال رضي الله عنه: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اطّلع عليّ من هذا السقف، ومعه دلو من ماء ، فقال: اشرب يا عثمان. فشربت حتى رويت ، ثم قال: ازدد. فشربت حتى نهلت ، ثم قال صلى الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه: أما إن القوم سينكرون عليك ، فإن قاتلتهم ظفرت، وإن تركتهم أفطرت عندنا.
فاختار رضي الله عنه لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لشوقه إليه ، ولِيَقِينِهِ بأنه سوف يلقى الله شهيدًا ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم له من قبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في صباح اليوم التالي يدخل كثير بن الصلت أحد الصحابة ، ويقول له: يا أمير المؤمنين، اخرج فاجلس في الفناء- أي فناء البيت- فيرى الناس وجهك، فإنك إن فعلت ارتدعوا.
وذلك لهيبته رضي الله عنه، فقد كان عمره رضي الله عنه أكثر من اثنين وثمانين سنة.
فقال عثمان رضي الله عنه: يا كثير رأيت البارحة، وكأني دخلت على نبي الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو بكر، وعمر فقال: ارجع، فإنك مفطر عندي غدًا.
ثم قال عثمان رضي الله عنه: ولن تغيب الشمس هذا اليوم، والله إلا وأنا من أهل الآخرة.
وخرج كثير بن الصلت بأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأمر عثمان بالسراويل أن تُعدّ له ؛ لكي يلبسها، وكان من عادته ألا يلبسها في جاهلية ، ولا إسلام، وقد لبسها رضي الله عنه ؛ لأنه خشي إن قُتل أن يتكشف، وهو رضي الله عنه شديد الحياء، فلبس السراويل، ووضع المصحف بين يديه، وأخذ يقرأ في كتاب الله.
ودخل عليه أبناء الصحابة للمرة الأخيرة، وطلبوا منه أن يسمح لهم بالدفاع عنه، فأقسم عثمان رضي الله عنه على كل من له عليه حق أن يكفّ يده ، وأن ينطلق إلى منزله ،
ثم قال لغلمانه: من أغمد سيفه، فهو حرّ، فأعتق بذلك غلمانه
وقال رضي الله عنه أنه يريد أن يأخذ موقف ابن آدم الذي قال:
{لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}
وكان آخر الناس خروجًا من عند عثمان رضي الله عنه هو الحسن بن علي رضي الله عنهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و صلى عثمان رضي الله عنه صلاة نافلةٍ ختم فيها سورة طه، ثم جلس بعد ذلك يقرأ في المصحف ، في هذا الوقت كان أهل الفتنة يفكرون بشكل حاسم ، وسريع في قتل عثمان رضي الله عنه ، خاصة مع علمهم باقتراب الجيوش الإسلامية المناصرة للخليفة من المدينة المنورة.
فدخل رجل من رءوس الفتنة بشعلة من نار ، وحرق بابَ بيتِ عثمان رضي الله عنه، ودخل و معه بعض رجال الفتنة، و من بينهم رجل ملثم آخر يسمونه الموت الأسود ، قيل إنه عبد الله بن سبأ وقيل غيره ، فخنق هذا الملثم المجهول عثمان بن عفان رضي الله عنه خنقًا شديدًا حتى ظن أنه مات ، فتركه، وانصرف
و دخل بعد ذلك محمد بن أبي بكر الصديق ، وكما ذكرنا أنه كان الوحيد من الصحابة الذي شارك في هذه الفتنة في هذا الوقت ، فدخل عليه ، وكان يظنه قد مات ، فوجده حيًّا
فقال له: على أي دين أنت يا نعثل؟!
فقال عثمان رضي الله عنه وأرضاه: على دين الإسلام، ولست بنعثل، ولكني أمير المؤمنين.
فقال: غيّرت كتابَ الله.
فقال عثمان رضي الله عنه: كتاب الله بيني وبينكم.
فتقدم إليه وأخذ بلحيته وهزّه منها وقال: إنا لا نقبل أن نكون يوم القيامة مما يقول {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ}
فإلى هذه اللحظة ، ومحمد بن أبي بكر الصديق، وبعض أفراد الفتنة يظنون أنهم يفعلون الخير بقتلهم، أو خلعهم لعثمان رضي الله عنه، فكان يظن أنه يخلع الخليفة طاعة لله، ونجاة من النار ، وهذا من تلبيس إبليس عليهم.
فقال عثمان رضي الله عنه: يا ابن أخي إنك أمسكت لحية كان أبوك يكرمها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلما قال له عثمان رضي الله عنه ذلك كأن الحقيقة قد وضحت فجأةً أمام محمد بن أبي بكر الصديق ، وكأن عثمان رضي الله عنه أزال بهذه الكلمات غشاوة كانت تحجب الحق والصواب عن قلب محمد بن أبي بكر، وتذكر تاريخ عثمان رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع أبيه الصديق رضي الله عنه، ومع المسلمين
فاستحيا و خارت يده من على لحية عثمان ، ثم تركه وانصرف و هو يبكي
فوجد القوم يدخلون على عثمان رضي الله عنه، فأمسك سيفه ، وبدأ يدافع عن عثمان رضي الله عنه ، ولكنهم غلبوه فلم يستطع أن يمنعهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم دخل على عثمان رضي الله عنه كنانة بن بشر، وحمل السيف ، وضربه به ، فاتّقاه عثمان رضي الله عنه بيده فقطع يده، فقال عثمان رضي الله عنه عندما ضُرب هذه الضربه: بسم الله توكلت على الله. فتقطرت الدماء من يده على المصحف، وتثبت جميع الروايات أن هذه الدماء سقطت على كلمة
{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ}
بعد ذلك حمل عليه كنانة بن بشر و ضربه بعمود على رأسه ، فخرّ رضي الله عنه على جنبه ، وهمّ كنانة الملعون بالسيف ليضربه في صدره ، فانطلقت السيدة نائلة تدافع عن زوجها ، ووضعت يدها لتحمى زوجها من السيف فقُطعت بعض أصابعها و وقعت أرضاً رضي الله عنها.
وطعن كنانةُ عثمانَ رضي الله عنه في صدره ، ثم طعنه سودان بن حمران في بطنه فمال رضي الله عنه إلى الأرض فقفز على بطنه، واتّكأ على السيف بجسده ليتأكد من اختراق السيف لجسد عثمان ، ومات رضي الله عنه وأرضاه بعد هذه الضربة.
ثم قفز عليه عمرو بن الحمق، وطعنه في صدره تسع طعنات ، وقال: هذه الثلاثة الأولى لله ، وهذه الست لشيء في نفسي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد أن قتل هؤلاء المجرمون عثمان رضي الله عنه أخذوا ينهبون ما في بيته ويقولون: إذا كان قد أُحلّ لنا دمه أفلا يحل لنا ماله؟
وأخذوا كل شيء حتى الأكواب ، ولم يتركوا شيئًا ، ثم همّوا بعد ذلك أن يقطعوا رأس عثمان رضي الله عنه ، فصرخت السيدة نائلة، والسيدة أم البنين زوجتاه ، وصرخت بناتُه ، فقال عبد الرحمن بن عديس، وهو أحد روءوس الفتنة: اتركوه، فتركوه
ثم توجه هؤلاء الفجرة الخوارج إلى بيت مال المسلمين ، واستطاعوا الاستيلاء على أموال كثيرة
أما الجيوش التي كانت على مشارف المدينة مرسلة من ولاة عثمان ، فقد رجعت إلى أمرائها بعد معرفتها بمقتل عثمان وتولية عليّ رضي الله عنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نــور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للحديث بقية
تعليقات
إرسال تعليق