التخطي إلى المحتوى الرئيسي

14علي رضي الله عنة (الخلافة الراشدة الاولى)


لتحميل السلسلة
https://www.mediafire.com/download/elezpc5nn4f9o2v

سلسلة عمر الأمة بعد النبوة في 4 مراحل و 4 فتن [15/79]



تنوية !!
رابط خاص لتصفح السلسلة 


https://noorhak.blogspot.com/search/label/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%88%D9%84%D9%89%20%28%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B4%D8%AF%D9%8A%D9%86%29


سلسلة الخلافة الراشدة الاولى (الخلفاة الراشدين)#
_______________________
1 أبو بكر
2 عمر 
3 عثمان 
(عثمان و ارهاصات الفتنة الأولى)
(عثمان ذي النورين الشـهيد)
4 علي
___________________


( 14/ 33 ) الخلافة الراشدة الأولى - علي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان علي رضي الله عنه أهم أعضاء مجلس الشورى في عهد الخلفاء الراشدين الثلاثة الأوائل ولاسيما في عهد عمر حيث كان المستشار الأول ، و تزوج عمر من أم كلثوم بنت علي و فاطمة الزهراء رضي الله عنهم ، وكان اسم علي كرم الله وجهه هو أول الأسماء الستة التي اقترحها عمر الفاروق لخلافته

و بعد أن قتل سيدنا عثمان مظلوماً بويع علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخلافة بالمدينة المنورة فبايعه أغلب من كان في المدينة من الصحابة والتابعين. و يروى إنه كان كارها للخلافة في البداية واقترح أن يكون وزيرا أو مستشارا ، وكانت مدة خلافة علي خمس سنوات ، وهو أول من خصص يوما للمظالم ، وله إسهامات كبيرة في التعريب و علم النحو .

و لم تشهد خلافته فتوحات جديدة باستثناء غزوة وحيدة على تخوم الهند و ذلك لتمكين ثغور السند و كانت بقيادة الحارث بن مرة و اشترك فيها الشباب من أبناء الصحابة و بعض من قرر اعتزال الفتنة من الصحابة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الظروف التي تولى فيها علي رضي الله عنه الخلافة كانت ظروف فتنة عصيبة
فقتلة عثمان ومثيري الفتنة الذين كان يزيد عددهم عن الألفين قد استولوا على المدينة

فرأى علي تأجيل تنفيذ القصاص بقتلة عثمان ، و الصبر حتى تستقر الأمور في المدينة ، وكان بعض الصحابة مع أمير المؤمنين علي في رأيه ، كابن عباس ، و عمار بن ياسر ، و الحسن و الحسين - رضي الله عنهم أجمعين

ولكن في مقابل هذا الفريق الأول و الذي يمثله أمير المؤمنين علي كان هناك أيضاً عدة فرق أخرى بدأت تظهر تباعاً مع تشعب الأحداث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفريق الثاني من المسلمين : كانت ترأسه السيدة عائشة ، و يضم طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام رضي الله عنهم أجمعين
و هؤلاء بايعوا علياً رضي الله عنه خليفةً للمسلمين ، لكنهم كانوا يرون وجوب القصاص الفوري من قتلة عثمان ، لكن الأحداث تطورت واستطاع مثيري الفتنة أن يجروهم إلى القتال مع علي في معركة الجمل التي انتهت بانتصار جيش علي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفريق الثالث من المسلمين : كان يضم أهل الشام بزعامة واليها معاوية بن أبي سفيان و معه عمرو بن العاص رضي الله عنهم

و كان معاوية يرى نفسه أنه هو (ولي الدم) لأنه من بني أمية مثل عثمان رضي الله عنه واشترط هذا الفريق مبايعة علي للخلافة بعد أن يتم تنفيذ القصاص بالقتلة ، وإن كان بعض المؤرخين ولا سيما الشيعة يرجعون مطالبة معاوية بدم عثمان لأغراض سياسية ولتعارض المصالح مع علي.

وجرت بينهم وبين جيش علي معركة صفين التي كاد أن ينتصر بها علي أيضاً لولا أن عمرو بن العاص أنقذ جيش معاوية فجعلهم يرفعون المصاحف على السيوف طلبا للصلح و التحكيم
فقبل سيدنا علي رضي الله عنه بالتحكيم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عند ذلك ظهرت الفرقة الرابعة وهم الخوارج ، وانشقوا عن جيش علي و كفروه لقبوله التحكيم
فقاتلهم الخليفة علي رضي الله عنه في معركة النهروان فقتلهم

أما الفرقة الخامسة و الأكبر من المسلمين فهم الذين كانوا أحلاس بيوتهم ، فاعتزلوا الجميع و نأوا بأنفسهم بعيداً عن القتال ، و عدوه فتنة ، و دعوا الناس إلى عدم المشاركة فيه

ضمت هذه الطائفة الأغلبية الساحقة من الصحابة رضوان الله عليهم ، فهؤلاء لم يكونوا ليقاتلوا إلى جانب قتلة عثمان و قد صار كثير منهم في جيش الإمام علي و بعضهم من قادته

ولم يكونوا ليقاتلوا علي رضي الله عنه وهو الخليفة ، و بعضهم حاول القيام بمحاولات للصلح بين الطائفتين العظيمتين من المسلمين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالإضافة إلى الفرق الخمس السابقة من المسلمين كان هناك مجموعة مثيري الفتنة من أتباع ابن سبأ و التي بالغت في علي رضي الله عنه إلى حدود المغالاة ، ليس حباً فيه و إنما كرهاً في الإسلام و شقا للصف ، و استغل بعضهم حالة الانقسام و تسلسلوا إلى الفرق المختلفة كي يصبوا زيتاً على النار و يوجهوا الأحداث باتجاه المزيد من الدم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما الفريق الثاني الذي يضم طلحة والزبير والسيدة عائشة رضي الله عنهم فكان خلافهم مع علي رضي الله عنه محصور بالتعجيل بالقِصاص من قتلة عثمان ، ولم يكن خروجهم إلى البصرة إلا لهذا الغرض.
و هذا الفريق بايع علياً خليفة شرعياً للمسلمين ، لكنهم طالبوا بتعجيل القصاص
و انتظروا بضعة أشهر كي يقوم علي بتنفيذ القصاص
و كان كل من طلحة و الزبير رضي الله عنهما قد طلبا من علي رضي الله عنه أن يعينهما واليين ليجمعان له العساكر لأخذ القصاص من القتلة الذين كانوا لا يزالون معتصمين في المدينة في ذلك الوقت ، فلما لم يستجب لهما ، التحقا بمكة المكرمة و صادف أن كانت السيدة عائشة رضي الله عنها هناك بعد أداءها فريضة الحج ، حيث آثرت البقاء في مكة بعد وصول الأخبار بمقتل عثمان ، فأقنعها طلحة و الزبير بالانضمام إليهما كي يستنفروا الناس و يجمعوهم لأخذ القصاص للخليفة الشهيد المقتول ظلماً و عدواناً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و تحرَّك معهم سبعمائة رجل من أهل مكة والمدينة ، ثم انضمَّ إليهم بعض المؤيِّدين الذين وجهوا أنظارهم للذهاب إلى البصرة ، كي يحثُّوا أهلها على مساعدتهم في معاقبة قتلة عثمان.
و ربما كان هذا هو خطأهم الغير مقصود ، لأن البصرة في ذلك الوقت كانت هي بؤرة الفتنة ، فقد كان أتباع ابن سبأ قد نخروا فيها قبل سنوات
فانقسم مجتمع البصرة إلى قسمين ؛ قسم وقف مع الخليفة الشرعي عليٍّ ، وقسم آخر تعاطف مع طلحة والزبير وعائشة ، فقام هؤلاء بالاستيلاء على البصرة و الانقلاب على والِيَ البصرة الذي عينه علي رضي الله عنه وزُجَّ في السجن ، لكن طلحة و الزبير و عائشة لم يكونوا يريدون أن تتطور الأمور إلى هذا الحد فتدخَّلت السيدة عائشة -رضي الله عنها- وأطلقت سراح والي البصرة الموالي لعلي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و بدأ طلحة والزبير وعائشة بعد ذلك إرسال الرسل إلى أهل الشام وأهل اليمامة وأهل المدينة لحثهم على إقامة حدِّ الله على قتلة عثمان ، عندها قرَّر عليٌّ مغادرة المدينة والاتِّجاه نحو الكوفة لتكون مقرًّا له ؛ وكان قد أرسل إلى واليها أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لتجهيز الرجال للقضاء على الفتنة في البصرة ، لكنَّ أبو موسى تحفَّظ على طلب علي ؛ لأنه كان يرى أن تجهيز الرجال سيُوقِع المسلمين في فتنة أكبر ، فطلب أبو موسى الأشعري من الكوفيين أن يغمدوا سيوفهم ويقبعوا في بيوتهم ؛ حتى تزول الفتنة ، عند ذلك تجاوز علي أبا موسى الأشعري وعزله ، و أرسل ابنه الحسن ، وكوَّن جيشًا منها بلغ تعداده عشرين ألفًا.

ثم اتَّجه صوب البصرة ، وأرسل القعقاع كي يتفاوض مع الزبير وطلحة وعائشة ، فعرض عليهم لمَّ شمل الأمة ، و أبدى طلحة والزبير مرونة كبيرة فعاد القعقاع إلى عليٍّ وقد نجح في مهمَّته ، وأَخبر عليًّا بما جرى معه ، فأُعجب بذلك ، وأوشك القوم على الصلح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علم المتآمرون أتباع ابن سبأ الموجودين في البصرة ومَن أعانهم على قَتْل عثمان ببوادر الصلح فقرَّروا إفساده ، و اتفقت آراؤهم على أن يفترقوا فرقتين ، ويبدءوا بالحرب ، فيغير الفريق الذي في معسكر عليٍّ على طلحة والزبير ومن معهما ، ثم يقوم الفريق الذي في معسكر طلحة والزبير بإثارة الحمية في نفوسهم ؛ حتى تشتد الحرب بين الفريقين فتقع الفتنة كما يريدون
و هكذا جَرَتْ فتنة معركة الجمل سنة (36هـ) على غير اختيار من عليٍّ ولا من طلحة و الزبير
وانتهت المعركة بهزيمة جيش طلحة والزبير رضي الله عنهما ، و قُـتل هذان الصحابيان المبشران بالجنة على يد جنود الكوفة الذين تشيعوا لعلي رضي الله عنه
ودارت معركة أمام الجمل الذي يحمل عائشة رضي الله عنها ، فتنبه عليٌّ إلى ذلك ، فأمر بعقر الجمل ، فتوقَّف القتال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و بكى سيدنا علي كثيراً على الزبير و طلحة و قتلى المعركة من الجانبين ، وقد مات من جيش البصرة عشرة آلاف ومن جيش الكوفة التابع لعلي خمسة آلاف .
وأُعطى البصريون الذين حاربوا في جيش الزبير و طلحة الأمان ، و رفض علي استحلال أموالهم ، فبدأت تخرج نواة حركة امتعاض من داخل شيعة علي لذلك العفو و قالوا : كيف يحل لنا استحلال دمائهم و لا تحل لنا أموالهم ؟
ثم أمر علي رضي الله عنه بحراسة السيدة عائشة رضي الله عنها حتى تعود إلى المدينة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد ذلك انتقل علي إلى الكوفة و أرسل كتاباً إلى معاوية في دمشق يدعوه إلى بيعته ، ويخبره بما كان في معركة الجمل، ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس

فتأنَّى معاوية في الرد على كتاب علي رضي الله عنه ، وجمع رءوس أهل الشام يستشيرهم ، ثم دعا عمرو بن العاص ليشهد تلك المشورة ، فأبوا أن يُبايعوا علياً حتى يُقتل قتلة عثمان ، أو أن يُسلَّم إليهم قتلته.

أعلم معاويةُ علياً برأي أهل الشام ، فاستعدَّ عليٌّ لغزو الشام لإدخالها في طاعته ، فجهَّز جيشًا قوامه خمسين ألفًا معظمهم من أهل العراق ونزل بهم صِفِّينَ ، ونصح الحسن رضي الله عنه أباه بعدم التسرع في إرسال الجيش ، لكن معاوية سار هو الآخر بجيش أكبر قِوَامه سِتُّون ألف مقاتل معظمهم من أهل الشام ، ثم دار القتال بين الجيشين ، ولكنَّه دار في حدود ضيِّقة على هيئة كتائب صغيرة تُرْسَل فتقاتل اليومَ ثم تعود ، وقد تجنَّب الجيشان القتال بكامل الجيش ؛ خشية الهلاك والاستئصال ، وأملاً في الوصول إلى حل يحقن الدماء

وما إن دخل شهر محرم حتى بادر الفريقان إلى الهدنة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لكن الجيشان اشتبكا بعد ذلك في معركة فاصلة على مدى 9 أيام قُتل فيها الألوف من الطرفين و كانت الخسائر في جيش معاوية أكثر تقريباً من نصف الجيش ، و في الأيام الأخيرة من القتال الدامي قُـتل عمار بن ياسر الذي كان قد بلغ عمره 90 سنة وكان موجوداً في جيش علي لاستنهاض الهمم
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد قال: "عمار تقتله الفئة الباغية ".

و بعد مقتل عمار استمرَّ القتال على أشُدِّه طَوَال الليل ، وبدأت الكفَّة ترجح بشدَّة لصالح عليٍّ ، وبدأت الهزيمة تدبُّ في جيش معاوية ، عندئذٍ فكَّر داهية العرب عمرو بن العاص في حيلة تُخرج جيشه من هذه المشكلة
فأشار على معاوية أن يرفع المصاحف ، في إشارة إلى تحكيم كتاب الله فيما حدث ، وذلك حتى لا يزيد القتل بين المسلمين ، ففعل معاوية ذلك ، ورضي عليُّ بن أبي طالب وجزء من جيشه بأمر التحكيم ، وأخرج كلا الجيشين رجلاً منهم للتحكيم ، فخرج عمرو من جيش معاوية ، و أبو موسى الأشعري من جيش عليٍّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و لما عاد عليُّ بن أبي طالب إلى الكوفة , سمع رجلاً من جيشه يقول: ذهب عليٌّ ورجع في غير شيء!!
وفي هذا لوم له على أمر التحكيم ، فقال عليٌّ : لَلَّذِين فارقناهم خيرٌ من هؤلاء .
و انقسم جيش علي و بلغ عددُ مَن يردِّد كلمة: "لا نحكِّم الرجال في دين الله , ولا حكم إلا لله" حوالي 12 ألف رجل , وكان أكثرهم من حفظة القرآن الكريم , وسُمُّوا بالخوارج ؛ لأنهم خرجوا عن طاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
في البداية ذهب عليِّ بن أبي طالب ليحاورهم , ويردَّهم بالتي هي أحسن , ويناقشهم فيما أخذوه عليه , ثم أرسل إليهم حَبر الأُمَّة عبد الله بن عباس , فلما دار هذا الحوار بين عبد الله بن عباس وبينهم على مدار ثلاثة أيَّام , رجع منهم أربعة آلاف وتابوا على يديه , وعادوا معه إلى الكوفة , فكانوا مع عليِّ بن أبي طالب ، أما الباقون عاندوا ولم يرجعوا عمَّا هم عليه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومع مرور الوقت ، و قرب عقد جلسة التحكيم ، بدأ الخوارج يتعرَّضون لعليِّ بن أبي طالب بما لا يليق ، وبدءوا بالسباب والشتائم ، وعليٌّ رضي الله عنه يصبر عليهم تجنُّبًا للفتن ، واستمرَّ الوضع هكذا يزداد يومًا بعد يوم
حتى قام له رجل منهم ، وهو يخطب: يا عليُّ ، أَشْرَكْتَ الرجالَ في دين الله، ولا حكم إلا لله.
وتنادَوْا من كل جانب: لا حكم إلا لله.
فقال علي بن أبي طالب : هذه كلمة حقٍّ أُريد بها باطل.

ثم اعتزل هؤلاء القوم الكوفة بالكلية ، ولجئوا إلى مكان يُسمَّى النهروان ، ومكثوا فيه
وفي هذا التوقيت كان جيش معاوية في الشام مستقرًّا دون خلاف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاء شهر رمضان سنة (37هـ) موعد التحكيم و كان قد تمَّ اختيار دُومَة الجندل مكانا للتحكيم ؛ لأنها تقع في مسافة متوسِّطة بين الكوفة ، والشام فأرسل عليُّ بن أبي طالب إلى دومة الجندل 400 فارس ، برئاسة أبو موسى الأشعري . وأرسل معاوية 400 فارس برئاسة عمرو بن العاص

وانتهت المفاوضات بدون نتيجة حاسمة و اتفقوا على هدنة سنة و الاجتماع في جولة أخرى في العام المقبل بدُومَة الجندل ، وحتى ذلك العام يظلُّ لكل من عليٍّ ومعاوية رضي الله عنهما ما تحت أيديهم من بلاد المسلمين
هذه النتيجة لم ترق للخوارج و لم يرضوا بالتحكيم فكفروا علي بن أبي طالب وكل مَن رضي بالتحكيم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جمَّع الخوارج قواهم في مكان يُسمَّى النهروان وبدءوا يعيثون في الأرض فسادًا و يقطعون الطرق ، ويقتلون المسلمين بحجة أن من رضي بالتحكيم فهو كافر مرتدٌّ يجب قتلهم ، فقرَّر عليُّ بن أبي طالب أن يقاتلهم ، فخرج لهم بجيش كبير، وكان عددهم لا يتجاوز أربعة آلاف رجل ، وبدأ القتال بين الفريقين ، وثبتوا ثباتًا عجيبًا حتى قُتل منهم ستمائة وجُرح أربعمائة ، ولم يقتل من جيش علي إلا سبعة
وكان من بين قتلى الخوارج المُخَدج ذو الثدية ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر عنه
" أنه تخرج فرقة على حين اختلاف بين المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق "

وذكر في حديث آخر إن فيهم ذا الثدية ، فصار علي يبحث عنه بين القتلى حتى وجده فلما وجده سجد لله شكراً إذ علم أنه على الحق.

أما في الشام فكان الوضع مختلفًا ؛ فجيش معاوية يطيعه تمامًا , ولم يكن هناك أي حالة خروج عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و بعد هزيمة النهروان قرر فلول الخوارج قتل الثلاثة الذين قاموا بالتحكيم وهم (عليٌّ، وعمرو، ومعاوية)
لكنهم فشلوا في قتل معاوية و عمرو بن العاص ونجح عبد الرحمن بن ملجم في قتل أمير المؤمنين علي بسيف مسموم ضربه على رأسه في 17 رمضان و كان خارجاً لصلاة الفجر
و لما استُشهد عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه اجتمع أهل العراق وبايعوا الحسن بن عليٍّ رضي الله عنه ؛ ليكون خليفةً للمسلمين ، ولم يرضَ الحسن بهذا الأمر، ولم يكن يريده ؛ لأنه يعلم أن وراءه الدماء الكثيرة، ولكنه قبل البيعة مرغما ً

أمَّا أهل الشام فبعد استشهاد عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه لم يجدوا بديلاً لخلافة المسلمين غير معاوية بن أبي سفيان ، فبويع بالخلافة من قِبَل أهل الشام ، وأصبح للمسلمين - ولأول مرَّة - خليفتان ؛ أحدهما في الشام ، والآخر في العراق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان الحسن بن علي رضي الله عنه لا يحبُّ القتال بين المسلمين ، فلما تولَّى الخلافة رغِب في الكفِّ عن القتال ، وحقن الدماء ، لكنَّ أهل العراق أصرُّوا على قتال أهل الشام وعلى رَدِّ الإمارة إلى العراق ، وثاروا كعادتهم عليه ، واجتمعت الألوف المؤلَّفة على أمر قتال أهل الشام ، وقد خَشِيَ الحسن من فتنة مخالفة كل هذه الجموع ، فخرج على رأس جيش لقتال أهل الشام وهو كارهٌ لهذا الأمر، وعَلِمَ معاوية بخروجه فخرج له بجيشه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعند اقتراب الجيشيْن كان الصراع شديدًا في داخل نفس الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، فهو غير راغب في القتال ، ويريد أن يحقن دماء المسلمين ، فأرسل رسائل إلى معاوية بن أبي سفيان يطلب منه أن يرجع عن رأيه ، ويدخل في جماعة المسلمين ويبايعه على الخلافة ، لكن معاوية كان يرى أنَّ هذه فرصته التي ربما لا تتكرَّر لأخذ الثأر من قتلة عثمان بعد أن يكون أميرًا على جميع المسلمين ، وكان جيش العراق القادم مع الحسن بن علي جيشًا ضخمًا كبيرًا، وخاصَّة بعد أن قُتل النصف من جيش معاوية في موقعة صفِّين ، وكانوا راغبين في القتال ، وقد بايعوا الحسن على الموت.
وعندما رأى معاوية ضخامة جيش الحسن ، قرَّر أن يرسل للحسن رسوليْن للمحاورة والمشاورة
فقال الحسن : إن هذه الأمة قد عاثت في دمائها.
فقال له الرسولان: إنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويُسالمك.
فسُرَّ بذاك الحسن، وكان يرغب في هذا الأمر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و قرَّر الحسن بن علي بن أبي طالب أن يقوم بخطوة من أشجع الخطوات في تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة ، وهي خطوة جريئة لا يُقْدِم عليها إلاَّ رجل ذو نفس طاهرة طيِّبَة كالحسن ، فقرَّر أن يتنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان ، وهو راضٍ تمامًا، وهو في غاية القوَّة ، فقد كان جيشه يَفُوقُ جيش الشام بكثير، وكان باستطاعته أن يُبِيد جيش الشام عن آخره ، ولكنَّه أراد أن يحقن الدماء بتنازله عن الخلافة لمعاوية .
فأرسل الحسن رسالة إلى معاوية بتنازله عن الخلافة على أن تُحقن دماء المسلمين ، وعلى أن ترجع الجيوش دون قتال ودون حرب , وبهذا أصبح معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين الشرعي بعد الحسن بن عليٍّ ، الذي ظلَّ أميرًا شرعيًّا للمسلمين مدَّة سبعة أشهر.
وسمي ذلك العام بعام الجماعة لاجتماع كلمة المسلمين. و لقب الحسن بسيد المسلمين ، و أصلح الله به بين فريقين عظيمين من المسلمين كما أخبر بذلك جده رسول الله صلى الله عليه و سلم

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم و الحسن لا يزال طفلاً صغيراً يجلس في حضنه
"إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبذلك خبت نار الفتنة الأولى التي دامت 5 سنوات و بدأت باستحلال دم عثمان ، و لكن آثارها لا تزال مستمرة ، و باقية كجمر تحت الرماد ، فقد أدت هذه الفتنة إلى ظهور طوائف السنة و الخوارج و الشيعة
كما قضت على مرحلة الخلافة الراشدة الأولى و نقلت الأمة إلى مرحلة الملك العاض
و سنتعرف أكثر على خصائص هذه الفتنة و أثارها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نـور ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما مثيري الفتنة من قتلة عثمان ، و بعد كل هذه الدماء و القتلى من المسلمين الذين بلغوا الـ 100 ألف من أجل أخذ القصاص
فالله سبحانه و تعالى تولى بطريقته القصاص منهم الواحد تلو الآخر و جميعهم قتلوا بطريقة مهينة ...

" فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ " ، و كفى بالله وكيلاً

للحديث بقية

تعليقات

قد يغير فيك

تحميل كتاب عمر الامة بعد النبوة في اربع مراحل واربع فتن د.نور احاديث اخر الزمان

29سلسلة فتنة الدهيماْء (خصائص الفتنة)

بينما الناس محبوسة في اقفاصها أو تتابع مسلسلات رمضان

هام!! مدير الموقع

(3) اليوم الماحق (المادة السادسة المال) (سلسلة ومن الاخر قانون الطوارى الرباني)