سلسلة عمر الأمة بعد النبوة في 4 مراحل و 4 فتن [21/79]
لتحميل السلسلة على الرابط التالي
https://www.mediafire.com/download/014u6v675znuzok
تنوية!!
رابط خاص لتصفح سلسلة السراء
https://noorhak.blogspot.com/search/label/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9%20%D9%81%D8%AA%D9%86%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A1
سلسلة فتنة السراء #
__________
1 إرهاصات فتنة السراء
2 فتنة السراء - الشرارة الأولى
3 فتنة السراء - كيف فعلوها ؟
4 فتنة السراء - ضربة النهاية
_______________
( 20 / 33) إرهاصات فتنة السراء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحن الآن في أواخر القرن التاسع عشر دب الوهن في الدولة العثمانية و تآكلت رقعتها كثيراً و نخر الفساد والضعف فيها حتى صارت تسمى الرجل المريض . وعلى عكس الحال الذي كان عليه العالم الإسلامي في بداية العصر العثماني الذي كان يشهد كل سنة تقريباً فتوحات كبيرة و انضمام ولايات و أقاليم جديدة إلى دار الإسلام ، انقلب الوضع في المئة سنة الأخيرة من الدولة العثمانية ، فتداعت عليها الأمم كما تتداعى الآكلة على قصعتها ، و صارت تفقد ولاياتها الواحدة تلو الأخرى ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصر والسودان كانتا قد خرجتا من تحت العباءة العثمانية فعلياً منذ عهد محمد علي باشا ، وبقي ارتباطهما بالآستانة ارتباطاً اسمياً ، وانتهى رسمياً بدخول مصر و السودان تحت الحماية الانكليزية المباشرة في عهد الخديوي توفيق و احتل الإنكليز أيضاً جزيرة قبرص في البحر المتوسط و كذلك جنوب اليمن و أقاموا قاعدة بحرية في عدن و فرنسا أحكمت سيطرتها على معظم المغرب الإسلامي فبدأت بالجزائر عام 1830 ثم توسعت شرقاً و غرباً و جنوباً فاحتلت تونس و المغرب و موريتانيا و ضمت كذلك مالي و جميع الأقاليم الإسلامية جنوب الصحراء الكبرى التي لم تكن تابعة للدولة العثمانية لكن تعيش فيها أغلبية افريقية مسلمة أما اسبانيا فبعد أن ارتكبت إبادة جماعية بحق مسلمي الأندلس قبل 4 قرون ، تمددت جنوباً فأخذت حصتها في منطقة الريف شمال المغرب و الصحراء الغربية أما ايطاليا فستحتل بعد سنوات قليلة - ليبيا - آخر الولايات العثمانية في إفريقيا و كانت روسيا هي الأخرى قد اقتطعت منطقة شمال القوقاز و شبه جزيرة القرم و شردت شعوبها المسلمة من داغستان و شيشان و شركس و تتار ، و هي اليوم تضع عينها على ملدوفا على البحر الأسود ، و إقليم بلغاريا العثماني في منطقة البلقان و النمسا بدورها احتلت البوسنة و الهرسك في البلقان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و في نهاية القرن التاسع عشر تأججت النزعة القومية الانفصالية ، و دعمت كل من روسيا و النمسا و أوربا الغربية (بريطانيا و فرنسا ) هذه المشاعر فانفصلت اليونان و صربيا و بلغاريا و ألبانيا و مقدونيا ثم ضمت صربيا إقليم كوسوفو وكان نتيجة حروب البلقان و خسائر ممتلكات العثمانيين المتتالية في أوربا تهجير أكثر من نصف مليون مسلم من البلقان باتجاه أراضي السلطنة العثمانية الداخلية في الشام و تركيا ولاسيما من الأرناؤوط (الألبان) ، و البوشناق (البوسنيين) و غيرهم و لم يبق للدولة العثمانية في منطقة البلقان سوى جيوب صغيرة متفرقة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و بالتالي ، نستطيع أن نرى أنه لم يعد فعلياً ينضوي تحت لواء السلطنة العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر سوى الأقاليم التالية : بلاد الشام بما فيها فلسطين ، و منطقة الحجاز بما فيها مكة و المدينة ، و العراق ، وتركيا الحالية . و نستطيع أن نرى أيضاً أن الدولة العثمانية التي كانت يوماً ما دولةً اتحادية ، لا قومية ، ولا مركزية ، تضم معظم شعوب العالم الإسلامي . أمست في أواخر القرن التاسع عشر تضم قوميتين رئيسيتين فقط : هما العرب و الترك * بالإضافة الى أقليات قومية إسلامية صغيرة أخرى لكن رغم ذلك كانت الدولة العثمانية لا تزال ذات أغلبية مسلمة من أهل السنة و الجماعة وهي الممثل الشرعي للمسلمين في كل الأرض ، وأراضيها هي (دار الإسلام) التي يستطيع أن يجد فيها أي مسلم الحماية و الأمان فضلاً على أن المدن الإسلامية المقدسة الثلاث موجودة فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في أواخر القرن التاسع عشر كانت حمى الإستعمار و التنافس لاقتسام أراضي العالم على أشدها في أوربا وهذا ما أنشأ التحالفات السياسية والعسكرية بين القوى الاستعمارية الرئيسية فكان هناك الوفاق الثلاثي الذي ضم فرنسا و بريطانيا و روسيا ، مقابل دول المحور التي ضمت النمسا ، المانيا ، و ايطاليا التي ما لبثت أن انضمت لاحقاً إلى بريطانيا و فرنسا وتركت المحور و الغنيمة الكبرى هي تركة الرجل المريض الذي كان رغم ضعفه إلا أنه لا يزال يسيطر على الشام مربط النظام العالمي عبر جميع العصور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و في أواخر القرن التاسع عشر أيضاً عجت أقاليم الدولة العثمانية بالمستشرقين و الجواسيس الغربيين ، مثل لورنس العرب ، وغيره من الجواسيس الذين كانوا ينقلون المعلومات إلى مراكز صنع القرار في العواصم الأوربية و التي توصلت إلى نتيجة مفادها أن الضربة القاصمة للرجل المريض يجب ان تكون من الداخل ، و يجب ان تكون في هذا التوقيت بالذات . لكن لماذا في هذا الوقت بالذات يجب أن يقضى على نظام الخلافة أو الملك العاض الوراثي الذي استمر منذ عهد معاوية بن ابي سفيان ؟ لماذا في هذا التوقيت تحديدا ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في القرن التاسع عشر بدأت تتعالى الصيحات المطالبة بالإصلاح من العلماء المخلصين من كل أرجاء الأمة الاسلامية و الغرب يعرف تماماً نتيجة خبرته الطويلة في الصراع مع الإسلام أن هذه الأمة تستطيع عندما تنهض من كبوتها أن تستعيد في شهر واحد ما فقدته خلال سنين طويلة لذلك لابد من توجيه الضربة القاضية في هذا الوقت بالذات ، ولا بد أن تكون من الداخل نعم من الداخل ، فتاريخ هذه الأمة يثبت أنها لا يمكن أن تدمر الا من الداخل ، وذلك عندما يكون بأسها فيما بينها فتأكل بعضها بعضاً إنه نفس تفكير ابن سبأ الذي أشعل الفتنة الأولى فهل سيكررون سيناريو فتنة الأحلاس التي استحل فيها الدم مع فتنة السراء التي سيستحل فيها الدم و المال هل الأيدي الخفية التي كانت تحرك الخيوط من وراء الستار ، و تضرم النار في الفتنة الأولى كلما خبت لا تزال موجودة في أواخر القرن التاسع عشر ؟ أم أنهم سيبحثون عن أيدي جديدة ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما درسنا الفتنة الأولى - فتنة الأحلاس - لا شك أدركنا أن الشيطان ، و وكيله الحصري ، كانا هناك بكل ثقلهما كان في المدينة شخص يعرف الصحابة عن قرب يعيش فيما بينهم منذ أن كان طفلاً صغيراً ، درس طباعهم و نفسياتهم ، و لديه بعض أسرارهم ، يعرف نقاط ضعفهم البشرية ، و ردود أفعالهم المحتملة ، وله خبرة كبيرة في الخداع و الدجل وتلبيس الحق بالباطل ، ويجيد العمل في الخفاء . شخص هو المبعوث الرسمي للشيطان و حليفه الإستراتيجي مهمته تشبه مهمة المستشرقين الذين أرسلتهم الدول الاستعمارية الى بلادنا في القرن التاسع عشر فعاشوا بيننا و تكلموا لغتنا و اعتنقوا ديننا ، و درسوا طبائعنا لقد كان هناك في الفتنة الأولى شخص كلورنس العرب لكن في الفتنة الثانية هناك أكثر من لورنس واحد أكثر من قوة معادية تعيش في الداخل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان يعيش في داخل الدولة العثمانية أقلية يهودية معتبرة و نافذة من اليهود المشرقيين الساميين أو ما يسمى ( المزراحي ) و المزراحي هم يهود ساميون و يعودون بنسبهم إلى أحد أسباط بني إسرائيل ، و هم يهود إيران و المشرق ولاسيما الهلال الخصيب (العراق و الشام) الذين سكنوا في تلك المناطق بعد السبي البابلي و بقوا فيها بعد الفتح الإسلامي وهم من أهل الذمة ، و يضاف إليهم أيضا يهود اليمن . ويشكلون معا 2 % فقط من يهود العالم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و بالإضافة الى اليهود المشرقيين (المزراحي) استوطن في الدولة العثمانية أعداد كبيرة جدا من اليهود المغاربة ( السفرديم) واليهود السفرديم هم من يهود الأندلس الذين تم إعادة توطينهم في ولايات الدولة العثمانية الشرقية بعد سقوط الأندلس و هروبهم من محاكم التفتيش الكاثوليكية في اسبانيا التي قامت بتعذيب المسلمين بشكل وحشي لمدة 300 سنة و أجبرتهم على اعتناق الكاثوليكية قسراً ، وطالت حملاتهم كذلك اليهود السفرديم الذين كانوا يعيشون في كنف المسلمين الأندلسيين و قد حدث هذا التوطين بتأثير من روكسان اليهودية الخزرية (الأشكنازية ) زوجة السلطان سليمان القانوني. و قد اعتنق بعض هؤلاء اليهود السفرديم الإسلام ظاهرياً و استمروا على عقيدتهم اليهودية في الباطن ، و صاروا يُـعرفون بـ (يهود الدونمة) و كانت تتركز أعداد كبيرة منهم في منطقة (سالونيك) التي ولد فيها مصطفى كمال ( أتاتورك ) وانتقل بعضهم للعيش في عاصمة الدولة و المدن الكبرى في الأناضول و دخلوا قصور السلاطين كخدم ، ثم تغلغلوا في المناصب الإدارية و جهاز الحكم ، و الجيش . ويشكل اليهود السفرديم أقل من 8% من مجموع يهود العالم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و كانت الدولة العثمانية تضم أيضا أقليات طائفية من أتباع الديانات الباطنية (السرية) ، ولا سيما النصيرية العلوية في الساحل الشامي و كليكيا ، الذين كانوا دائما موضع شك و ريبة بسبب غدرهم و انحطاطهم الأخلاقي ، وأيضا بسبب عداوتهم الشديدة للإسلام و المسلمين و تحالفهم الدائم مع أي غازي خارجي لبلاد الإسلام . وقد ألمحنا سابقا عن دورهم في الحروب الصليبية و تحالفهم مع الفرنجة و ثم المغول و عن دورهم في إحباط الحملة العسكرية البحرية التي جهزها السلطان العثماني لاستعادة الأندلس و إنقاذ مسلميها من التعذيب ، والتنصير القسري. ولم تكن الدولة العثمانية تعتبر النصيريين (العلويين) من المسلمين و لا حتى من أهل الذمة - على عكس ما كان عليه الحال مع المسيحيين و اليهود و الصابئة - بل لم تكن تقبل شهادة النصيري العلوي في المحاكم الشرعية ، لما كان يعرف عنهم من انحدار أخلاقي و شهادة زور ، لذلك كانوا مهمشين و يعملون كقطاع للطرق ، أو شبيحة ، أو في الدعارة ، وكانت تستعر في نفوسهم أحقاد دفينة ضد المسلمين و ينتظرون اللحظة المناسبة لتنفيسها. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و كان يعيش في كنف الدولة العثمانية أيضا أقليات مسيحية معتبرة وكبيرة : كالأرمن في شرق الأناضول وكليكيا ، والموارنة ( الكاثوليك ) في جبل لبنان و حلب ، والسريان و الآشوريين في منطقة الجزيرة الفراتية و الموصل ، واليونان الأرثوذكس في تراقيا و جزر بحر ايجة وقبرص وكذلك مسيحيون عرب ( روم ) - معظمهم من الأرثوذكس- منتشرين في المدن الكبرى لبلاد الشام. وكان معظم هؤلاء المسيحيين يكنون العداء الشديد للعثمانيين و لاسيما اليونان و الموارنة و الأرمن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاليونان و بقية الطوائف الأرثوذكسية يعتبرون القسطنطينية (استانبول ) هي عاصمتهم الروحية التي فقدوها بالفتح العثماني العسكري على يد محمد الفاتح عام 1453 والأرمن وغالبيتهم من الأرثوذكس كانوا قد ساندوا الروس في حربهم على الولايات الإسلامية في القوقاز مما يعد خيانة عظمى لعهد الذمة . ، ثم أشعلوا حركة تمرد انفصالية في أواخر القرن التاسع عشر فاستعان السلطان عبد الحميد عليهم بقوة عسكرية معظمها من الأكراد أخمدت تمردهم بعنف ، وطال التهجير ايضاً السريان في منطقة حكاري في كردستان ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و الموارنة كانوا يكنون العداء الشديد للعثمانيين ، وهم أكبر الطوائف المسيحية في بلاد الشام و تقدر أعدادهم حاليا بمليون ونصف في المشرق ، و3 مليون في المهجر * ( نسبتهم في لبنان حاليا 19% من عدد السكان ، والرئيس اللبناني وقائد الجيش و وزير الدفاع و غيرها من المراكز السيادية ، بموجب العرف الدستوري الذي سار عليه لبنان منذ أن فصلته فرنسا عن سوريا يجب أن يكونوا جميعا من الموارنة )* و الموارنة هم مزيج من التزاوج بين بقايا المستوطنين الفرنجة الذين بقوا في الشام و استعربوا بعد انتهاء الحملات الصليبية الكاثوليكية ، وبين السريان الذين استعربوا في فترات مبكرة ثم اختاروا الانفصال عن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الأم في أنطاكية و الانضواء تحت صليب الكنيسة الكاثوليكية في روما. فالكنسية المارونية إذن هي كنيسة كاثوليكية تتبع دينيا و ( إداريا ) لبابا الفاتيكان. وكانت الكنيسة المارونية على اتصال مستمر مع الأوربيين ولاسيما الفرنسيين الذين كانوا في حالة حرب مستمرة مع الدولة العثمانية منذ حملة نابليون بونابرت على مصر و الشام ، وانتشرت البعثات التبشيرية والإرساليات والمدارس و المعاهد الأوربية في المناطق المسيحية ، وظل الموارنة يسمون أبنائهم بأسماء أوربية ولاسيما فرنسية و ليس بأسماء سريانية كما يفعل عادة السريان الأرثوذكس، ولا بأسماء مسيحية عربية كما يفعل المسيحيون العرب الأرثوذكس و الكاثوليك فالأسماء الفرنسية و الأوربية هي الأكثر شيوعا عند الموارنة وأثار الموارنة العديد من القلاقل والثورات في جبل لبنان و سوريا في عدة مراحل تاريخية حساسة و مفصلية مرت بها الدولة العثمانية ، و كان يتم ذلك غالبا بإيعاز مباشر من بابا روما و فرنسا ففي أواخر عهد السلطان عبد المجيد الأول، نشبت فتنة طائفية كبرى في الشام، وتحديدًا في دمشق وسهل البقاع وجبل لبنان بين المسلمين والمسيحيين عمومًا، و الدروز والموارنة خصوصًا كان ممثلو بريطانيا وفرنسا يشجعون الفريقين على الانتقام ويساعدونهم على الثأرز كانت الدول الأوروبية ، ولا سيما فرنسا قد ضغطت على السلطان وحملته على القبول بتشكيل لجنة دولية يوكل إليها أمر إعادة الهدوء إلى جبل لبنان و دمشق ، وتصفية ذيول الفتنة. فقام تحت الضغوط باصدار فرمانه الشهير الصادر سنة 1856م، الذي ساوى فيه بين جميع رعايا الدولة مهما اختلفت عقيدتهم الدينية ، و أعطي الموارنة مزايا أكبر، وازدادت نسبة المتعلمين منهم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرنسا إذن التي احتلت المغرب الإسلامي ، و استقدمت المستوطنين الأوربيين إلى الجزائر ، و استعبدت المغاربة كي يكونوا خدما في حقول الأوربيين ، وجندتهم في حروبها في ذلك الوقت و بنفس الوقت حاربت الإسلام و لغة القرآن ( ولا تزال حتى اليوم تستعمر المغرب العربي الكبير ثقافياً و لغوياً ) كانت في المقابل تتدخل بكل وقاحة بشؤون الدولة العثمانية في المشرق وتسوّق نفسها على أنها حامية الأقليات الكاثوليكية و لاسيما الموارنة أما روسيا القيصرية التي شردت شعوب القوقاز المسلمة من شركس و شيشان ، ودعمت الصرب في البلقان لتهجير أكبر عدد ممكن من مسلمي البلقان في ذلك الوقت ، كانت في المشرق تقدم نفسها على أنها حامية المسيحيين الأرثوذكس فدعمت الارمن و شجعتهم على القيام بحركات تمرد مستمرة كان الأرمن باستمرار يعتدون على المسلمين في كليكيا و شرق الأناضول بينما بريطانيا العظمى وجدت ضالتها في اليهود ، و الدروز و استخدمتهم لتبرر تدخلها في بلاد الشام باعتبارها حامية الدروز ، و اليهود فيما كان للدولة الصفوية في الشرق (فارس) أذرعها داخل الطائفتين الشيعية و النصيرية العلوية وللمزيد عن تاريخ الدولة العثمانية بشكل موجز تجدونه في هذا الرابط http://ar.wikipedia.org/wiki/الدولة_العثمانية# ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في عام 1897 يعقد في سويسرا المؤتمر الصهيوني بقيادة تيودور هرتزل والذي يتبنى مشروع إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين و تمويل عمليات الهجرة اليهودية وشراء الأراضي و الاستيطان ، وما يترتب عليه بعد ذلك من تشريد العرب. و تمّ التواصل مع السلطان عبد الحميد من أجل السماح لليهود الاشكناز و المكروهين في أوربا باستيطان فلسطين ، فرفض السلطان عبد الحميد ذلك بشدة وأصدر فرمانًا يمنع هجرة اليهود إلى الأراضي المقدسة ، لكن اليهود لم يكونوا يحتاجون لموافقة السلطان لكي ينفذوا مخططهم ، فهم أصلاً متغلغلين في جسم الدولة العثمانية ، ومتغلغلين كذلك ماليا و سياسيا في أوربا ومراكز صنع القرار في الغرب ، فاضطر في نهاية المطاف إلى التهاون تحت ضغط الدول الأوروبية، وخاصةً بريطانيا. فبدأت فعليا الهجرات اليهودية المنظمة الأولى إلى فلسطين في عام 1898 وموّل المليونير اليهودي روتشيلد المستوطنات الزراعية الأولى التي بلغ عدد اليهود فيها مابين 25 ألف - 30 ألف حتى عام 1903 و معظم المستوطنين الأوائل كانوا من اليهود الاشكناز أو يهود أوربا الذين تعود أصولهم إلى منطقة الخزر شمال جبال القوقاز والقليل كانوا من يهود اليمن . ** (منطقة الخزر كانت تسمى في الكتب والخرائط الجغرافية الإسلامية القديمة بأرض يأجوج و مأجوج ) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فكيف تمكن اليهود بعد ذلك من احتلال الأرض المقدسة و اقامة دولة في قلب العالم العربي و الإسلامي؟ كيف نجح اليهود في هذه المغامرة الخطيرة و خالق اليهود يخبرنا في كتابه الحق أنهم شعب رعديد يتملكه الجبن و الإدبار من المواجهة المباشرة ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر) فمن يعرف شيئاً عن اليهود سيعرف أنهم لا يمكن أن يقدموا في أواخر القرن التاسع عشر على خطوة فيها هذا الكم من الجرأة و الخطورة و المغامرة إلا إذا كان لديهم خطة مفصلة تحسب كل خطواتهم وتغطي كل الاحتمالات الممكنة لمئة سنة إلى الأمام . الطبيعة اليهودية بنص القرآن الكريم ليست مقدامة أو ذات نزعة فدائية ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) فهل حدثت طفرة وراثية أو تحول جيني بالمورثات اليهودية في أواخر القرن التاسع عشر ؟ فكيف نفسر إذن نجاح اليهود في إقامة إسرائيل وهم الذين يصفهم القرآن بأنهم شتات من البشر ضربت عليهم الذلة و المسكنة ولا يستطيعون تنفيذ مآربهم إلا بحبل من الناس يتمسكون به ، فهم عبيد للعباد دائماً ؟؟!! (ضُـربت عليهم الذلة أين ما ثـقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضُـربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) ** عبارة (حبل من الناس ) تعني أنهم دائماً تحت غيرهم من الدول القوية يخضعون لهم و يعملون من خلف الستار وربما هذا يفسر -جزئيا - كيف نجحوا في استيطان فلسطين المحاطة ببحر بشري كبير من العرب والمسلمين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأننا عندما نرى كيف تقوضت أركان الدولة العثمانية ، وكيف سقطت الخلافة بهذا الشكل ، وكيف تقسمت الولايات العثمانية وفق الحدود الجديدة ، و كيف أنشأت دويلات جديدة متناحرة على أنقاضها ، ولماذا رسمت خرائطها بهذا الشكل المناسب جداً للحلم اليهودي ، ولماذا انظمة الحكم فيها بهذا الشكل أيضاً ... لابد لنا أن نتساءل هل كانت الرياح حقاً تجري بما تشتهي السفينة الصهيونية طوال القرن الماضي بهذه الدقة و الإنسيابية و الإنتظام ؟ أم أن كل شيئ مرتب بسرية و معد مسبقاً ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبينما أنا اكتب هذه الكلمات هناك دولة يهودية حديثة و صغيرة لكنها آمنة تقبع في قلب المشرق العربي المشتعل المضطرب المتخلف ، دولة نووية متفوقة على كل محيطها العربي و الإسلامي تكنولوجيا و عسكريا ، و رغم أن عمرها في المنطقة لم يتجاوز الـ65 سنة إلا أن متوسط دخل الفرد اليهودي فيها اكبر بـ 100 مرة على الأقل من متوسط دخل المواطن المصري أو السوري أو العراقي الذين تعود جذورهم في المنطقة لآلاف السنين ويبقى السؤال لماذا أقدم اليهود الأشكناز في عام 1897 بالذات من خلال مؤتمرهم الصهيوني الأول على هذه الخطوة الجريئة المخالفة للطبيعة اليهودية بل والمخالفة أيضا للتوارة التي تحرم على اليهود إقامة دولة في الارض المقدسة حتى يأتي المسيح؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حسنا ، سأعطيكم إشارة ، أو آية لتتفكروا بها في نفس ذلك العام تقريباً تكتشف أيضاً مومياء رمسيس الثاني و رمسيس الثاني كما سبق و رأينا في الحلقة الثالثة من هذه السلسلة هو نفسه الفرعون الذي غرق في البحر الذي انشق وهو يطارد موسى عليه السلام و بني إسرائيل ، ولكن الله أنجاه ببدنه فقط ، فانتشل المصريون جسده من البحر و قاموا بتحنيطه حسب الأعراف الفرعونية القديمة و دفنوه ، واكتشاف مومياء (بدن) فرعون جعله الله آية لها دلالاتها الكثيرة للأجيال المتأخرة التي ستأتي خلف فرعون أو من بعده ، واكتشاف بدن فرعون في هذا التوقيت بالضبط يعني أن المقصودين بالآية التي يريدها الله هم هذا الجيل المتأخر من بني إسرائيل الذي يعدون العدة للعودة للأرض المقدسة بعد 2000 سنة من الشتات .. اكتشاف بدن فرعون هو رسالة تحديداً للفراعنة الجدد الذين سيخلفون فرعون في منهجه المتمثل في العلو و الفساد في الأرض و رسالة أيضا الى الذين يضعون صورة الهرم غير المكتمل و عين حورس على ورقة الدولار التي استعمروا بها العالم اقتصادياً { فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ، وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هم خلفاء فرعون في هذا العصر ؟ وهل نحن من الناس الكثيرين و الغافلين عن فهم مدلولات آية اكتشاف بدن فرعون ، و الذين يشير إليهم رب العالمين هنا ؟ وما هو الحبل البشري (حبل من الناس) الذي سيستعمله اليهود ليتسلقوا هرم النظام العالمي الجديد وإقامة دولة إسرائيل الكبرى ؟ و كيف ستنهار الخلافة العثمانية و تندلع فتنة السراء و تدخل الأمة في الحكم الجبري الذي سيضمن ولادة و استمرار اسرائيل ؟ وكيف سيتم توزيع الأدوار ، وكيف ستتلاقى المصالح الدولية والطائفية لتحقيق هذا الغرض؟ ومن هم اليهود الأشكناز أو يهود الخزر وما علاقتهم بيأجوج ومأجوج ، وما علاقة يأجوج ومأجوج بفلسطين و عودة بني إسرائيل إلى القدس ؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نــور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا أعرف انها أسئلة كثيرة تدور في رؤوسكم و سأدعكم تفكرون بها الآن و سأجيب عنها في المنشورات القادمة ** الصورة المرافقة على اليمين هي لوالي الشام العثماني جمال باشا و هو في ساحة المسجد الأقصى ، والصورة اليمنى لآخر ملك فعلي من مرحلة الملك العاض : السلطان عبد الحميد **
للحديث بقية
تعليقات
إرسال تعليق