التخطي إلى المحتوى الرئيسي

22فتنة السراء - كيف فعلوها ؟



سلسلة عمر الأمة بعد النبوة في 4 مراحل و 4 فتن [23/79]
لتحميل السلسلة على الرابط التالي 
https://www.mediafire.com/download/014u6v675znuzok

تنوية!!
رابط خاص لتصفح سلسلة السراء

https://noorhak.blogspot.com/search/label/%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A9%20%D9%81%D8%AA%D9%86%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A1


سلسلة فتنة السراء #
__________
1 إرهاصات فتنة السراء
2 فتنة السراء - الشرارة الأولى
3 فتنة السراء - كيف فعلوها ؟
4 فتنة السراء - ضربة النهاية
_______________


( 22 / 33 ) فتنة السراء - كيف فعلوها ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُون }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هي الفتنة الثانية من الفتن الأربعة الكبرى ، و لم تصب الأمة فتنة بمثل هذا الحجم غيرت مجرى التاريخ منذ الفتنة الأولى - الأحلاس - التي أنهت الخلافة الراشدة وكما رأينا في الفتنة الأولى كيف أن هناك أيد خفية كانت تحرك خيوطها من وراء الستار ورأينا دور ابن سبأ اليهودي الباطني الذي ادعى الإسلام ظاهرياً و بدأ ينشر أفكار تغالي كثيراً في علي بن أبي طالب من جهة و تحقر الخلفاء الراشدين الثلاثة الأوائل من جهة ثانية ، و ذلك لشق صف المسلمين و إثارة الحزبيات بين مجتمع الصحابة و التابعين ورأينا كيف انه كان هناك أيضا من يزوّر الخطابات الرسمية و يختمها بختم خليفة المسلمين سيدنا عثمان أو يوقعها باسم سيدنا علي أو السيدة عائشة أو غيرهم من الصحابة و يرسل بها إلى وفود المتمردين في العراق أو مصر أو إلى الولاة كي يوجه الأحداث بالاتجاه الذي يريده
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كذلك فإن سيناريو الفتنة الثانية - فتنة السراء - لن يختلف كثيراً ، نفس البصمة سنراها هنا أيضاً ، نفس الختم ستجدونه مطبوع فوق أحداثها ، و ستحمل نفس التوقيع لكن بأدوات تنفيذ مختلفة الفتنة الأولى كانت فتنة استحل فيها الدم ، ونقلت الأمة من الخلافة الراشدة إلى الملك العاض الطويل أما الفتنة هذه المرة فهي فتنة سيستحل فيها الدم و المال معاً كما أخبرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وستنقل هذه الفتنة الأمة من الملك العاض إلى مرحلة مظلمة و سوداء هي الحكم الجبري لكن سيعطى معها مخدر طويل المفعول من السراء كي تستمر العملية الجراحية في جسد الأمة أطول فترة ممكنة مخدر من الرفاهية الدنيوية العابرة من المسرح والسينما و الطرب وغيرها من وسائل السراء من الأمجاد الوهمية التي تصنعها الشعارات القومية والوطنية الجوفاء ، و من أحلام التطور ومجاراة الأمم المتقدمة و التي نكتشف بعد قرن أنها كانت سراباً ... من الحياة الإستهلاكية و الترف الذي عم جزيرة العرب بعد اكتشاف النفط ، الذي لم تحقق عوائده أي تنمية حقيقية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولأنها فتنة يستحل فيها المال ستشهد الأمة حالة من التخبط الاقتصادي ، ثورات اشتراكية و تأميم تعسفي ، ثم خصخصة و إنفتاح ، و عقود إحتكارية للثروات الطبيعية ، وفي أثناء هذا و ذاك سيستباح المال العام في كل مرة ، و ستتم السرقات الكبرى و لا يبقي للشعب إلا الفتات الم يخبرنا الرسول صلى الله عليه و سلم أيضاً أنّ الفيئ سيصبح دولا؟ و الفيئ هو ما أفاء الله به على الناس من ثروات طبيعيه كالنفط و الغاز و غيره مما يفترض أن يكون مشاعا لكل الأمة ، وكل فرد يكون له نصيب من تلك الثروات ، لكن عندما تستولي عليها فئة صغيرة من العائلات ، وتُـخترع فوق حقول النفط دول او دويلات صغيرة تديرها تلك العائلات وتكون تلك الدول محمية بالكامل من لصوص الغرب و احتكاراته طويلة الأجل ، عندئذ يصبح الفيئ دولا و يستباح المال ، و لكننا لا نشعر بالسرقة لأننا تحت تأثير التخدير إنه مخدر طويل الأمد سيدوم طيلة قرن الشيطان الذي سيطلع من نجد ، حيث ستعيش جل الأمة قرناً من الزمان وهي تلهث وراء سراب الحياة الرغيدة داخل الأقفاص القطرية التي حبسونا فيها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و في أثناء تخدرنا ستولد إسرائيل و ستكبر إسرائيل ، و ستعلو إسرائيل ، ستنمو على حساب أراضينا و تقوى على حساب دمائنا و أموالنا . وفي المقابل سنتخلف نحن ، ونضعف أكثر و نتفكك أكثر ، و نتقوقع أكثر ، حتى نقاتل بعضنا بعضاً على حدود أقفاصنا و قضبانها المقدسة ، و سنحقد على بعضنا من أجل مباراة كرة قدم ، أو من أجل مغني تافه في آراب آيدول ... سنثبت أننا ممثلين ممتازين ، سنتقمص الشخصيات التي وزعها علينا المخرج سايكس ، والمؤلف بيكو ، وسنعيش في الدور حتى ننسى من نحن ، سننسى جلدنا الحقيقي ، وبريق الحضارة المادية في الغرب وعقدة الخواجة ستجعلنا ننسى نبينا أيضا ، و الذي قال إنه سيأتي يوم "يلعن آخر هذه الأمة أولها " وإذا جاء الوقت للعلو الكبير ، و سئم اليهودي من اللعب خلف الستار و تاقت نفسه للظهور ، عندئذ سينتهي مفعول المخدر فتدهم الأمة دهما آلام الفتنة الثالثة المظلمة او فتنة الدهيماء تلك الفتنة الصماء ، العمياء ، المطبقة ، التي تمور مور الموج في البحر و تعرك الأمة عركا ... و سنعود من حيث بدأنا ....سنعود من حيث بدأنا كلمة السراء جاءت من المسرة ، وهي أيضاً من السر : فالإتفاقيات السرية : سايكس بيكو - وعد بلفور ، والعمل الذي يتم من خلف الكواليس . جعل من القرن العشرين كله تمثيلية مستمرة منذ قرن ، و جميع الأنظمة يرتدون أقنعة و يؤدون أدواراً مرسومة لهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتى مطلع القرن العشرين كانت عبارة دار الإسلام لها محل من الإعراب في القاموس السياسي وكانت أراضي الدولة العثمانية هي دار الإسلام رغم كل السلبيات و دار الإسلام تعني أن أي مسلم في أي مكان في العالم سواء كان من أقاليم الدولة العثمانية أو من خارجها ، سواء كان من إفريقيا الوسطى ، أو من بورما يستطيع أن يعيش في دار الإسلام و يجد الحماية فيها ، و يعمل فيها و يتنقل بين كل أقاليمها و ولاياتها بكل حرية دون الحاجة إلى جواز سفر أو تأشيرة دخول ، أو كفيل جشع و صارت دار الإسلام تسمى بالرجل المريض و فقدت معظم ولاياتها ، وبقيت تقتصر على بلاد الشام بما فيها فلسطين والحجاز (مكة و المدينة) و العراق و تركيا ، و بعد أن كانت تضم معظم شعوب العالم الإسلامي أمست تقتصر على العرب و الترك (وبعض الأقليات الإسلامية الصغيرة) وتعالت الصيحات المطالبة بالإصلاح لإنقاذ دار الإسلام من كل علماء الإسلام المخلصين سواء من داخل الدولة العثمانية او من خارجها فاستبق التحالف الصهيوني (اليهودي - المسيحي الغربي) تلك الدعوات و بدأ بسرعة بتنفيذ مخططه ، لأنه يعلم أن المارد المسلم عندما يستيقظ من غفوته يستطيع ان يستعيد في شهر واحد ما فقده عبر قرون و بدأ توزيع الأدوار ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قام يهود الدونمة بتأجيج المشاعر القومية التركية والتعصب العرقي وتمجيد الترك كحضارة وثقافة ، أو ما يعرف بالفكر القومي التوراني و الكتابات الأولى عن القومية التركية كلها كانت كتابات يهودية و يعتبر اليهودي موئيز كوهين هو مؤسس الفكر القومي التوراني ، وكتابه في القومية التورانية هو الكتاب المقدس للسياسة التورانية التي قوضت الخلافة العثمانية ، وأحبطت فكرة الجامعة الإسلامية بين العرب والترك واليهود يؤكدون على دورهم في تحطيم الخلافة العثمانية بإرسال أحد كبار اليهود وهو إيمانويل قراصو وهو من قادة الاتحاد والترقي ليسلم السلطان عبد الحميد قرار عزله من الخلافة عام 1908 كنوع من التشفي والانتقام، وإظهار عاقبة رفض عبد الحميد لطلبهم باستيطان فلسطين يقول كوهين في كتابه : " إن رب الحركة الكمالية (نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك ) الذي عبدته منذ البداية هو : القومية التركية ، و قبل البدء بالبناء لا بد من تسوية الساحة التي يملؤها عقبتان رهيبتان هما الدين والخلافة ، فلتسقط حكومة الشريعة ، وقد وجهت الحركة الكمالية حملتها الأولى نحو حكم الدين الإسلامي وقد انهارت هذه السلطة الغاشمة بضربة واحدة وجهها إليها أتاتورك" ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و كانت الدعوة للقومية التركية أو التورانية تفيد مخططات اليهود من عدة نواحي فهي : تساهم في إضعاف الخلافة العثمانية الإسلامية و تضعف السلطان عبد الحميد الذي وقف ضد أطماع اليهود في فلسطين فالقومية التركية (التورانية) تهدف إلى اقتلاع الجذور الإسلامية للدولة العثمانية وإعادة توثيقها للحضارة المغولية التي ينحدر منها العرق التركي ، و كانت تسعى إلى تأجيج الصراع بين شقي الدولة العرب والترك فجمعية الاتحاد والترقي العلمانية التي يحركها أيضاً يهود الدونمة و التي انقلبت على السلطان عبد الحميد وعزلته ، دعت إلى سياسة تتريك العرب عندما وصلت إلى الحكم وكان اليهود يعرفون ان العرب بكل تأكيد سيقاومون هذه السياسة وهذا سيضيف زيتا فوق النار ويؤجج الصراع بينهم وبين الترك ، و سينتهي الصراع بانفصال العرب وتمزيق الخلافة الإسلامية التي قامت على توحيد جميع المسلمين تحت راية الإسلام وقد غذى الغرب أيضا هؤلاء الدعاة القوميين المتطرفين وأيدهم ، واتاحت لهم الصحف الماسونية المنبر ، وفردت لهم المساحات لتجييش اكبر قطاع ممكن من التركمان المسلمين الذين سيسكرون بقصائد الفخر والملاحم التي تمجد العرق التركي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المقابل كان الموارنة في الشام يقومون بدورهم أيضا : فبدأ الموارنة - و يا للعجب - بتأجيج النزعة القومية العربية ، نعم .. لا تستغربوا ، كان معظم القوميين العرب في تلك الفترة هم من الموارنة ، وبدأت مطابع لبنان تطبع و تنشر دواوين الشعر الجاهلي ، وملاحم العرب بل و تشن أيضا حملات لتأجيج الكراهية ضد الترك حتى قال شاعرهم في مطلع القرن العشرين : بني يعرب لا تأمنوا الترك بعدها *** بني يعرب إن الذئاب تصول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لعب لبنان دورا ثقافياً كبيراً في تشكيل الرأي العام العربي في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين نظراً لوجود معظم دور النشر و الصحف فيه و كان الموارنة هم المسيطرون على الإعلام العربي في ذلك الوقت ، وهم كذلك حتى الآن . ** معظم مدراء المحطات التلفزيونية الكبرى حاليا و الممولة خليجيا هم من المسيحيين و خصوصا الموارنة ، وهم الذين يضعون الخطة البرامجية التي تغسل دماغ الشارع العربي المسلم حسب ما تقتضيه المصلحة الغربية في كل مرحلة ** و لذلك ليس غريباً ان نجد أن أول المؤلفات التي تدعو إلى القومية العربية هي ما نشره المسيحي الماروني نجيب عازورى بعنوان يقظة الأمة وليس غريبا ان نجد ان أكبر مؤسسي حزب البعث العربي الاشتراكي هما ميشيل عفلق (المسيحي ) و زكي الأرسوزي (النصيري العلوي) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و قد رأينا أن مصلحة يهود الدونمة المختبئين خلف القومية الطوارنية في تأجيج و نشر الفكر القومي التركي المتعصب (رغم أنهم لا ينتمون إلى العرق التركي وإنما هم من السفرديم او يهود الأندلس) فهذا الفكر القومي المتعصب سيخدم المصالح اليهودية في انهيار الخلافة الإسلامية و وقوع بلاد العرب و المسلمين جميعاً تحت الحكم الجبري المباشر المتمثل بالاستعمار الأوروبي ثم الأنظمة العميلة و الضعيفة التي سيزرعها المستعمر بعد رحيله ، كل هذا لابد منه كي تولد اسرائيل في قلب العالم العربي و الإسلامي و تكبر . فما مصلحة الموارنة في تأجيج الشعور القومي العربي الذي ظهر فجأة في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ؟؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموارنة كما رأينا هم مزيج من التزاوج بين السريان المستعربين الذين انشقوا عن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية و دانوا بالولاء للكنيسة الكاثوليكية في روما و بين بقايا المستوطنين الفرنجة الكاثوليك الذين بقوا في الشام بعد انتهاء العدوان الصليبي على المشرق ، أي أن جذورهم العربية مشكوك في أمرها أصلا فما مصلحتهم في تأجيج المشاعر القومية العربية في ذلك الوقت ؟ ولماذا ماتت المشاعر القومية العربية فجأة عند الموارنة حالما أعطتهم فرنسا دولتهم التي كانوا يحلمون بها دولة لبنان الكبير ؟ فمنذ إعلان فرنسا نشوء دولة لبنان الكبير التي اقتطعتها من الشام ، لم تعد تجد مارونياً واحداً ينادي بالقومية العربية وتحولوا إلى منظرين للقومية اللبنانية و جذورها الفينيقية. الجواب عندكم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما بدأت تنضج الأمور جاء دور الشريف حسين الذي كان دوره هو الأهم ، في إشعال الفتنة و حدوث كل ما حدث في القرن الذي أعقبه ثورة الشريف حسين هي الطعنة الأكبر في ظهر الخلافة العثمانية ، و أدت إلى سقوط القدس في يد بريطانيا التي سلمتها فورا لليهود بموجب وعد بلفور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان حسين بن علي قد بدأ اتصالاته بالحكومة البريطانية قبل إعلان الحرب العالمية الأولى من جانب تركيا بحوالي تسعة شهور .. وكان ابنه عبد الله (الذي صار فيما بعد الملك الأول للأردن ) هو ممثل مكة المكرمة في مجلس المبعوثان العثماني وكان يعرّج إلى القاهرة للتآمر مع المندوب السامي البريطاني قبل سفره إلى الآستانة . و تبادل الشريف حسين مذكرات مع السير هنري مكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر منذ عام 1915م وأنشأت بريطانيا مكتباً في القاهرة لتنظيم جهود هذه الثورة العربية ضد الخلافة العثمانية . وجاء لورنس عميل المخابرات البريطانية ليشارك في الثورة مع الشريف حسين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و عندما استولى جمال باشا والي سوريا على وثائق القنصلية الفرنسية في الشام ، وعثر فيها على ملفات اتصال القوميين العرب بالفرنسيين وعمالتهم للحلفاء (و معظم القوميين العرب كانوا في ذلك الوقت من موارنة لبنان كما رأينا ) أبلغ جمال باشا الشريف حسين بفحوى هذه الوثائق كي يراجع موقفه من التحالف مع الحلفاء لكن الشريف حسين كان يهمه الأموال التي سيقبضها من الإنكليز ، وكان يحلم أن يكون ملكاً على العرب و لو عن طريق التحالف الصهيوني (اليهودي - المسيحي الغربي ) ، فلم يهتم لتحذيرات جمال باشا بل لم يهتم لتحذيرات الله الواردة في الآية 51 من سورة المائدة بعدم الانضمام للتحالف اليهودي النصراني والا فانه سيكون منهم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ ، بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ، إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.}
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و في يوم 10حزيران سنة 1916م أعلن الشريف حسين من مكة المكرمة ما تسميه كتب التاريخ بالثورة العربية الكبرى ، وما يسميه الرسول صلى الله عليه وسلم بفتنة السراء. و أطلق الشريف حسين رصاصة يتيمة من بندقيته من فوق سطح الإمارة ، و هاجم بعض الأعراب من رجال القبائل جنود الحامية العثمانية في مكة وأخذوهم على حين غرة ثم جاءت الطائرات البريطانية و أكملت الباقي و ضربت جدة بالقنابل و شكل الطابور الخامس الذي كان يقوده فيصل بن الحسين و رجل المخابرات البريطانية لورنس العرب ميمنة القوات البريطانية التي جاءت من مصر لاحتلال فلسطين !! وليس هذا فحسب ، بل قام هذا الطابور الخامس بفتحة جبهة جديدة شغلت القوات العثمانية و حولت نظرها عن الدفاع عن فلسطين لإتاحة الفرصة أمام قوات اللورد اللنبي القادمة من الجنوب. وتمكن الجنرال اللنبي من الاستيلاء على غزة والخليل ويافا ، ثم دخل القدس في يوم 9 كانون الاول 1917م ، وقال جملته الشهيرة : الحروب الصليبية قد انتهت اليوم !! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم دخلت القوات البريطانية دمشق و هي عاصمة ولاية الشام يرافقها الشريف ناصر . وبعد يومين حضر كل من اللنبي و فيصل الذي دخل عاصمة الأمويين معلناً نهاية أربعة قرون من الحكم التركي العثماني .. و في دمشق أطلع جمال باشا الشريف حسين و أبناءه وبطانته على وثائق الخطة الصليبية لتقسيم العالم الإسلامي ، وعلى خريطة سايكس بيكو ، و وعد بلفور ، وذكرهم أن واجبهم كمسلمين مخلصين هو بذل جهودهم في سبيل عزة الإسلام ، وأن الحلفاء قد غرروا بهم ، و أن الاستمرار في التحالف معهم سيؤدي إلى استعباد الشعوب العربية في المشرق و احتلالها وتقاسمها من قبل أوربا كما هي تحتل الأقاليم العربية في المغرب وشمال افريقيا ولكن الشريف حسين رغم كل ذلك رفض تغيير موقفه و رفض التحدث إلى الأتراك ، واستمر في تحالفه مع الغرب و الصهاينة وبنفس الوقت أيضا تندلع الثورة الشيوعية في روسيا و كان لليهود دور كبير فيها ، و تفضح الخارجية في روسيا القيصرية أيضا خطط الحلفاء ، وتكشف وعد بلفور و اتفاقية سايكس بيكو و تنشرها عدة صحف عالمية أما جريدة القبلة في مكة فذكرت في بعض أعدادها سنة 1918م أن الشريف الحسين بن علي كان يدعو الناس في فلسطين أن يتذكروا أن كتبهم المقدسة وتقاليدهم توصيهم بواجبات الضيافة والتسامح ، ويحضهم على الترحيب باليهود حين قدومهم مهاجرين إليهم بوصفهم إخواناً لهم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشريف حسين لم يكن من المخدوعين على الإطلاق كما يصوره بعض المؤرخين المحسوبين على الأسرة الهاشمية ، كان يعرف هو وسلالته الدور الذي يقومون به ، ويعرفون إلى ماذا ستؤول الأمور والنتائج الكارثية التي سيجلبها على الأمة و كان يستطيع لو أراد ان يغير موقفه او يلعب دورا مختلفا سواء هو او أبناءه او أحفاده او حتى حفيد حفيده (ملك الأردن الحالي) لكن السياسة الهاشمية طوال القرن الماضي كانت مستمرة على نفس النهج الاول ، وهي ركن أساسي في الحلف الصهيوني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و بعد أن اسقط كمال أتاتورك الخلافة تم مكافئة العملاء الذين ساهموا في فتنة السراء فمنح الهاشميون حكم العراق وتوج فيصل بن الشريف حسين ملكا هناك وتم اقتطاع الأردن من الشام لأنها صاحبة أطول حدود مع فلسطين المحتلة و رسمت خارطتها بهذا الشكل شرقي نهر الأردن و شرق دولة إسرائيل لضمان أمن أطول حدود لإسرائيل مع جيرانها و أقيمت إمارة شرق الأردن و توج عبد الله الأول بن الشريف حسين عليها و هيئت فرنسا الطائفة النصيرية لحكم سوريا بعد الجلاء و أكمل النظام النصيري في سوريا دور كلب الحراسة لحدود إسرائيل بعد أن أوفى بعهده و باعهم هضبة الجولان ذات الأهمية المائية و الإستراتجية وكذلك جبل الشيخ القمة الأعلى في سوريا و ذو القيمة العسكرية الكبيرة ، و كان هذا هو الثمن لتنصيب عائلة الأسد على حكم سوريا نصف القرن الماضي .. أما لبنان فمنذ أن فصلته فرنسا عن سوريا و سلمته للموارنة ، عمل هؤلاء (القوميون العرب ايام الدولة العثمانية ) على طمس معالمه العربية والإسلامية ، و على فرنسته ، و نشر القيم الأخلاقية الأوربية ونمط الحياة الغربي ، واستمرت المارونية السياسية تدير لبنان كما يشتهي الحلف الصهيوني (اليهودي - المسيحي ) حتى نهاية الحرب الأهلية ، وبزوغ نجم الشيعة الذين تولوا إكمال المشوار لكن بشعارات جديدة و الأيام القادمة تخبئ دورا جديدا للهاشمين يكتبه و يخرجه الصهاينة و سيكون بطل هذا الدور على الأرجح عبد الله الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن كل ما عانيناه منذ سقوط الخلافة ، والاحتلال الأوربي ، والتقسيم ، وقيام إسرائيل و عدوانها المستمر ، وكل الحكم الجبري القاسي الذي نعاني من ويلاته اليوم وسنبقى نعاني حتى تعود الخلافة الراشدة على منهاج النبوة كل هذا الشر كان دخنه من تحت قدمي هذا الرجل المسمى بالشريف حسين ، ومن أجل ذلك وعلى غير المألوف في أحاديث النبي ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم محددا في الإشارة إليه شخصيا ، و من أجل ذلك تبرأ منه ، وقال هو ليس مني إنما أوليائي المتقون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نــور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و مع سقوط الحكم العاض قبل قرن من الزمان ، وإلغاء الخلافة ، دخلت الأمة المرحلة الثالثة في تاريخها ، وهي مرحلة الحكم الجبري . وسوف تفاجئون أن هذه المرحلة التي نحن فيها الآن هي أكثر المراحل التي ذكرها النبي في أحاديثه وأخبر عن خصائصها فما هي خصائص هذه المرحلة من وجهة نظر النبي صلى الله عليه و سلم ، الذي لا ينطق عن الهوى ؟ للحديث بقية

تعليقات

قد يغير فيك

تحميل كتاب عمر الامة بعد النبوة في اربع مراحل واربع فتن د.نور احاديث اخر الزمان

29سلسلة فتنة الدهيماْء (خصائص الفتنة)

بينما الناس محبوسة في اقفاصها أو تتابع مسلسلات رمضان

هام!! مدير الموقع

(3) اليوم الماحق (المادة السادسة المال) (سلسلة ومن الاخر قانون الطوارى الرباني)